السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخذت أتفكر في موضوع يفيد الناس هذه الأيام وهذه الليالي الغالية فلم أجد أفضل من تذكير نفسي وإياكم بأفضل ليلة..
ليلة القدر..
ولا شك أن كل منا يتمنى أن يوفقه الله لقيامها..
ولكنني لن أتكلم هنا عن علاماتها ولا عن أدلة تثبت متى هي ؟
فعلمها عند الله مقدر وعلينا مستر لحكمة أرادها الله علمها من علمها وجهلها من جهلها ولو كان الله يريد بها علماً مارفع وقتها ولاجعل علاماتها لا تظهر إلا بعد أن تمضي!!
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في التخفيف عنا جهلنا متى هي ..(وعسى أن يكون خيراً لكم )
فرجاء لكل مدعي أنه يعلم متى ليلة القدر افعل خيراً ولاتخبرنا .. كما أراد الله لنا بجهلها خيراً
إخواني وأخواتي القراء ..
سأتكلم اليوم عن ليلة القدر بأسلوب يختلف لأنها فعلاً ليلة تختلف
نبدأ..
1)ما معنى القدر؟
يرى بعض العلماء أن القدر هو العظيم من العظمة، كقول الله سبحانه وتعالى: "وما قدروا الله حق قدره" فهي ليلة ذات قدر وتعظيم لما نزل فيها من القرآن الكريم .. أو أن العظمة والقدر لما يحدث فيها من نزول الملائكة، وأيضا لما ينزل في هذه الليلة من من رحمات الله تعالى وبركاته وغفرانه وفيوضاته
أو أن من يحييها، يصبح ذا قدر وشرف، ومنزلة كريمة.
أو القدر فيها بمعنى القدر، أي أنه يقدر فيها أحكام تلك السنة وما يقضي الله به على عباده، وذلك لقول الله عز وجل: "فيها يفرق كل أمر حكيم
هذا والله أعلم
ولقيام ليلة القدر فضلٌ وافر، لأن الله تعالى مادام قد جعلها خيراً من ألف شهر ، فهذا يفيد أن العبادة فيها تكون أعظم شأناً منها في غيرها. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"
جاء في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به"
ما أجمله من حديث , اذ ليس كلنا سواء في الأجر مع أننا كلنا سواء في ترك الطعام والشراب الا أن الأجر متروك لله يفاجئ به عباده عند الجزاء وما ترك لله فلك أن تتخيل كرم الإله ولن تتخيله مهما بلغ بك التخيل .. إذا فلنظن بالله الخير قال الله (أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي ماشاء)
2) ماذا نستفيد من جهلنا متى ليلة القدر ؟
أولاً لنسترجع قصة الرفع :حدث أن تخاصم رجلان فكانت خصومتهما سببا لرفع معرفة ليلة القدر .. فكيف كان ذلك؟ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة)
وهنا رأي .. إن ليلة القدر لم ترفع بسبب الملاحاة، وأما رفع تحديد معرفتها بدليل قوله: "التمسوها" "وعسى أن يكون خيرا لكم" يريد بذلك بيان أن إخفاءها يستدعي قيام الشهر كله أو العشر الأواخر كلها بخلاف ما لو تحدد وقتها.
واذا كانت الملاحاة(الخصام) سببا لرفع تعيينها، والخصومات تمنع الخير، فإن واجب المسلمين أن يكونوا متحابين متآلفين يحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، ومن كانت بينه وبين أخيه المسلم خصومة فليبادر بالصلح، ومن كانت بينه وبين أحد أرحامه قطيعة فعليه أن يقوم بصلة رحمه، وألا يترك الناس للخصومات تأكل العلاقات وتدمر وشائج الود والألفة فيما بينهم، فإن الخير يرتفع من الأرض بسبب الخصومات والخلافات، وأن الخير والبركة تنتشر في الأرض حين يتراحم العباد ويتآلفون "الراحمون يرحمهم الرحمن".
ولنتذكر رحمة الله علينا هنا لكل من ظلم نفسه في قول الله تعالى (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) وهذه الصفة، تكشف عن الطبيعة البشرية وأنها عرضة للخطأ والزلل، فالمسلم التقي إذا اقترف معصية في حالة ضعف نفسي يبادر بالرجوع إلى ربه مستغفرا تائبا. وأن سماحة الإسلام لا تدع أمثال هذا النمط في مؤخرة القافلة، بل ترفعهم إلى مصاف المتقين ماداموا قد ذكروا ربهم، واستغفروه، ولم يصروا على ما فعلوا. ومما سبق يمكننا أن نبرز هنا سمات هذا المجتمع المثالي لنكون بمثابة الأضواء الكاشفة للأمة الإسلامية حتى تترسم الخطى الصحيحة التي أشار إليها الإسلام في القرآن والسنة، وهذه السمات منها ما يتعلق بصحة العقيدة: وهذا عن طريق الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر .. وما يستلزمه من عبادات ومعاملات التعاون والتكافل الاجتماعي و تهذيب النفس الإنسانية. وترويضها. وكبح جماحها وفتح سبل الخير والحق لها. جـاء هذا عن طريق: الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج للمستطيع، الوفاء بالعهد، الصبر في جميع الأحوال. ومن ثم سموهم في العبادة والقرب من الله .. وهذا عن طريق: قيام الليل، الاستغفار في الأسحار.
اللهم اعف عنا واغفر لنا وارحمنا