حكاية عم صلاح

حكاية عم صلاح الراجل الطيب الكفيف

استيقظ عم صلاح من نومه ...على صوت أذان الفجر في المسجد المقابل لبيته
أخذ يتحسس موضع عصاته ليستند عليها في طريقه للوضوء استعداداًً للصلاة
...وهو في طريقه للمسجد وجد من يأخذ بيده قائلاًً صباح الخير يا عم صلاح
عرفه من صوته .. إ...نه الأستاذ عرفان جاره ومدرس اللغة العربيةبعد انتهاء الصلاة خرج عم صلاح متكئاًً على الأستاذ عرفان حتى وصلا إلى بائع الجرائد
نظر بائع الجرائد الى عم صلاح وقال له مازحاًً .. عايز تطمن على تشكيل النهارده يا عم صلاح ؟
أجابه عم صلاح بالايجاب أتبعها بنظرة الى السماء تعني الكثير
طمأنه بائع الجرائد أن القائمة مكتملة ولا يوجد اصابات وأن الاستعداد كان على أتم وجه
شكره عم صلاح ثم انصرف مع الأستاذ عرفان عائداًً الى بيته
حاول عم صلاح النوم قليلاًً لكنه لم يستطع
دارت في ذهنه عشرات التساؤلات .. التشكيل .. الخطة .. التغييرات .. النتيجة
والأهم كيف سيذهب ليساند ويشجع كعادته ؟!!
ظل عم صلاح يتقلب في سريره حتى قبيل صلاة الظهر بقليل
ليبدأ عم صلاح الاستعداد لرحلته التي كان ينتظرها منذ شهر كامل
ارتدى بنطاله الأسود وقميصه اللبني وجاكتته الرمادي
ولف حول رقبته كوفية صوف مقلمة لتقيه من برد شهر ديسمبر في ليل القاهرة
ثم أخذ صاحبه ورفيقه الوحيد .. راديو ترانزيستور صغير من نوع ناشيونال جلبه له أحد أقاربه من ليبيا
أخذ عم صلاح عصاته وهبط درجات سلم منزله المتهالكة واتجه ناحية موقف الميكروباصات بمنطقته
عرفه أحد السواقين بالمنطقة
* رايح الاستاد يا عم صلاح ؟
- أيوه يبني .. النهارده مطش القمة ولازم أكون جنبه
* طب تعالى يا عم صلاح .. أنا هحمل مدينة نصر عشان خاطرك
- تسلم يبني
وفي الطريق ..
* هتكسبوا النهارده يا عم صلاح ولا زي كل مرة ؟
- مش مهم نكسب ولا نخسر .. المهم إني أكون موجود جنبه وبسانده
* حسام عامل شغل كويس معاكم السنة دي يا عم صلاح ؟
- ربنا يكرمه .. أهو بيحاول والمهمة تقيلة وصعبة
* الا قولي يا عم صلاح .. مش كانوا وعدوك بتذاكر لمطشات طول السنة ؟
- ما أنت عارف يبني .. كل يوم مجلس غير التاني وناس غير الأولانيين
وأنا مش مستني حاجة من حد .. أنا بروح عشانه هو بس
* أنت بتشجعه وبتحبه قوي كده ليه يا عم صلاح ؟
- وأنت بتحب مصر قوي كده ليه يبني
* ربنا يكرمك يا عم صلاح .. أنت راجل طيب
- تسلم يبني
وصل عم صلاح الى الاستاد من مدخل الأوتوستراد الخاص بجماهير الزمالك
بدأ يسمع أغاني وأهازيج الألتراس
انـصرنـــــــا يـا الله
دايــماًً على طــول معــاه
يكسـب فيـن ما يــــروح
هـو الحيــاة والــــروح
معاه لاخر الكون
العمر عشانه يهون
زمـالك اسـم كبيــــــر
الكــل منــه يغيـــــر
ارتسمت على وحهه ابتسامة عريضة وبدأ يردد معهم كأنه طفل صغير
نسى عم صلاح في تلك اللحظات كل همومه وأحزانه .. حتى اعاقته لم يعد يشعر بها
وبمساعدة أحد الشباب الطيبين حصل عم صلاح على تذكرة لحضور المباراة
وبدأت رحلة الدخول المضنية .. زحام وتدافع وأمن نسى معنى الرحمة
بسبب هذا التدافع تعرض عم صلاح لاصطدام قوي مع أحد رجال الأمن كاد أن يوقعه أرضاًً
* صرخ فيه ظابط الأمن .. مش تفتح يا أعمى ؟
- ابتسم له عم صلاح قائلاًً .. معلش يبني ما أنا فعلاًً أعمى
* طب ولما أنت أعمى .. ايه اللي جايبك الاستاد ؟ .. ما تقعد تسمعه على راديو في بيتكم !!
- مينفعش يبني .. ده احنا متعاهدين .. لازم يلاقيني جنبه وبسانده
* طب يلا شوف حد يوصلك لحد جوه
تطوع أحد الشباب ليأخذ بيد عم صلاح حتى أوصله الى مقعده في المدرجات
أخرج عم صلاح الراديو من جيبه وفتحه على اذاعة الشباب والرياضة
وأخذ يستمع الى التشكيل والخطة واستعدادات الفريق
ثم سمع المذيع يقول
سيداتي أنساتي سادتي .. ننقل لكم وقائع مباراة القمة بين فريقي الزمالك و ..
وقبل أن ينهي المذيع كلمته كانت دموع عم صلاح تتساقط قائلاًً ..
يكسب فين ما يــــروح
هو الحيــاه والــــروح